الأربعاء، ٤ مارس ٢٠٠٩

أطباء يطالبون بتأهيل نفسي للمضاربين في البورصة

أطباء يطالبون بتأهيل نفسي للمضاربين في البورصة
إتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري
4/3/2009

تحقيق: نجلاء عزت
"الأزمة المالية العالمية" عاصفة لم تتوقف عند حد انهيار الشركات والبنوك والبورصات فقط وإنما اجتاحت أيضا النفس البشرية حتى أصابت بعضا منها في مقتل.
وبلغ تأثير الأزمة العالمية على عدد من المستثمرين والمضاربين في البورصات في العالم إلى حد الانتحار، كما فعل ملياردير ألماني بعد أن خسر 4 مليارات يورو من ثروة قدرها 13 مليار يورو، وفي سوريا قتل أحد الأثرياء أولاده الـ5 وانتحر خوفا من الفقر بعد أن خسر أمواله، وفى مصر قتل رجل أولاده وزوجته وحاول الانتحار إثر خسارته مليون جنيه مصري في البورصة.
لذا أوصى علماء النفس والاجتماع – في حديث لموقع أخبار مصر www.egynews.net – بالإيمان بالرزق والنصيب وتماسك الشخصية وإجادة التعامل مع الأزمات، لتجنب الإصابة بمرض العصر "الاكتئاب" وعدم الاستسلام للضغوط النفسية الناتجة عن أي من الأزمات، كما حدث تجاه الأزمة المالية العالمية التي كشفت عن اهتزاز في شخصية عدد من المستثمرين والمضاربين في البورصة.
المستثمر المصري يفتقد الجرأة والمغامرة:
وقال أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنوفية الدكتور "محمد محيي الدين" إن الأزمة المالية التي اجتاحت العالم مؤخرا أظهرت خللا بالفكر الاجتماعي في مصر وعدم اكتمال منظومة التضامن ما أفقد المجتمع الشعور بالأمان.
وأرجع حالات الانتحار والعنف التي وقعت جراء هذه الأزمة إلى فقد بعض المستثمرين المصريين للمقومات التي ينبغي أن يتسم به المستثمر، الذي يفترض جرأته ومغامرته عندما قرر الدخول إلى السوق تاجرا أو مضاربا والتعامل مع آلياته، بما يؤهله لمواجهة المتغيرات المحتملة والأزمات التي قد يتعرض لها أيا ما كان حجمها. كما على المستثمر أن ينمي ذاته دائما ليكسبها قوة الشخصية والاستقلالية وتعزيز شعوره دائما بالقدرة على البدء من جديد في مشروعات أخرى بإجادة ومهارة أفضل بفضل ما اكتسبه من خبرة جراء تجاربه السابقة.
وأضاف الدكتور "محيي الدين" أن من الأهمية بمكان إعلاء القيم والأخلاق على المادة، مستنكرا التفكير السائد لدى كثيرين في المجتمع المصري، الذي يربط الوضع المادي والاقتصادي للأسرة بنظرة الاحترام والتقدير. وأشار إلى أن المجتمع الصحي هو الذي يسمح بتنقل شرائحه وطبقاته عبر أوضاع اقتصادية متباينة، معربا عن أمله في أن يعيد المجتمع النظر في تقييم أفراده من خلال رصد معايير جديدة تعمل على تقويته ودعمه أمام ما قد يتعرض له من أزمات فردية أو جماعية، خاصة أو عامة.
من جانبه، قال رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر الدكتور "محمود حمودة" إن أكثر من 70 % من حالات الانتحار في العالم مرتبطة بالاكتئاب و15 % من المكتئبين ينتهي بهم الأمر إلى الانتحار - حسب تقارير منظمة الصحة العالمية - أي أن كل 40 ثانية ينتحر شخص في العالم.
ورغم ما ظهر في مصر من حالات اكتئاب وتفكير في الانتحار جراء الأزمة المالية التي هزت العالم إلا أنها حالات محدودة جدا مقارنة بما شهدته دول العالم أجمع.
وأشار الدكتور "حمودة" إلى أن التمسك بالدين بصفة عامة وفي مثل هذه الأوقات خاصة من العوامل المساعدة على عدم الاستسلام لمثل هذه الحالات النفسية، حيث يحرم الدين قتل النفس إلا بالحق، لذا فإن الدول الإسلامية هي الأقل من حيث نسبة الانتحار في العالم.
وأضاف أن معدلات الانتحار ترتفع بشكل ملحوظ لدى المضاربين في البورصة، حيث تحولت عقول معظمهم إلى الأرقام، حتى وصل الأمر بالبعض إلى "هوس البورصة" ما يثير أعصابهم باستمرار ويضعهم تحت ضغط عصبي دائم سواء في حالتي الربح أو الخسارة، لكن عندما تزيد حجم الخسارة وتتعدى مستوياتها المقبولة - خاصة عندما يكون الشخص يضارب بأموال غيره أو أموال أولاده – يصل الأمر لديهم إلى مسألة حياة أو موت.
كما أرجع الدكتور "حمودة" أسباب السلوك العدواني الذي انتشر مؤخرا إلى تكرار التعرض للإحباط بشكل يفقد القدرة على مواجهة الظروف الجديدة والتكيف معها، وبالتالي تتولد لدى هؤلاء المحبطين شحنة عدوان كبيرة تخرج في شكل اضطراب ينعكس على سلوكهم.
وللتغلب على ظواهر الإحباط والاكتئاب، أوصى رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر بتعزيز الترابط الاجتماعي، نظرا لما تمنحه المجموعات من قوة وصلابة ودعم مادي ومعنوي، من شأنه التخفيف من واقع الصدمة وحماية من يتعرض لأي أزمة خارجة عن إرادتهم – مثل الأزمة المالية العالمية - من الاتجاه نحو التطرف أو الانزلاق إلى مخاطر أخرى كالإدمان مثلا.
ونصح الدكتور "حمودة" من تعرض لأزمة شديدة بضرورة زيارة العيادة النفسية، واللجوء للمتخصص، الذي يقوم بدوره بمساعدته على التحمل وتغذية شعوره بأن هناك أشياء كثيرة تستحق أن يعيش من أجلها.

ليست هناك تعليقات:


CNNArabic.com - Business