الاثنين، ١٩ مايو ٢٠٠٨

أسعار الأسهم في البورصة .... إلي أين؟

أسعار الأسهم في البورصة .... إلي أين؟
جريدة الوفد المصرية
18/5/2008

بقلم د. سلامة الخولي
ساهمت مجموعة من المتغيرات الاقتصادية في التأثير السلبي علي حركة صعود أسعار الأسهم المصرية خلال الأيام القليلة الماضية والذي نتج عنها التراجع الحاد في مؤشر كاس ،30 ليصل إلي 10160 نقطة بعد أن كان قد لامس الاثني عشر ألف نقطة منذ أسبوع تقريبًا، ويمكن إرجاع أسباب هذا التراجع إلي المتغيرات في السياسات الاقتصادية علي النحو التالي:
اتجاه السلطات النقدية (البنك المركزي المصري) إلي استخدام أدواتها لضبط معدلات التضخم وتمثل ذلك في القرار الأخير للبنك المركزي برفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية.
* فرض رسوم تنمية موارد الدولة علي بعض السلع والأنشطة الخدمية وما أثير عن فرض ضرائب علي العائد من أذون الخزانة، وعلي الأرباح الناتجة عن بيع وشراء الأوراق المالية في البورصة، وعلي الرغم من النفي الحكومي المتكرر لامكانية فرض ضرائب علي الأرباح الناتجة عن التعامل في البورصة، إلا أن الأثر الجزئي السالب لإمكانية حدوث ذلك مستقبلاً أسهم في خروج جزئي لبعض المتعاملين واتضح ذلك من خلال عمليات البيع الضخمة التي قام بها المتعاملون المصريون والأجانب والعرب علي السواء.
يلاحظ خلال العامين الأخيرين وجود اتجاه تضخمي واضح داخل الاقتصاد المصري، وهذا الاتجاه يرجع إلي ارتفاع أسعار السلع المستوردة من الخارج سواء كانت سلعًا تامة الصنع أو سلعًا وسيطة أو رأسمالية، وقيام الحكومة ومؤسسات الأعمال الخاصة بالرفع العشوائي لأسعار السلع والخدمات التي تنتجها، اما لتحقيق عائد للخزانة العامة (في حالة الحكومة) أو لتحقيق أقصي ربح ممكن (كما في حالة القطاع الخاص)، ويعرف هذا النوع من التضخم بالتضخم الضاغط من أسفل إلي أعلي أي الذي يترتب عليه ارتفاع تكلفة السلع والخدمات المستهلكة دون أن يكون هناك أثر ملموس لتأثير زيادة القوة الشرائية علي معدلات التضخم.
والأثر النهائي لتزايد معدلات التضخم علي نشاط البورصة هو أثر سلبي، لأنه يعكس وجود خلل هيكلي خطير داخل الاقتصاد المصري حيث ان موارده الرئيسية عبارة عن عائدات السياحة وقناة السويس وتحويلات العمالة المصرية في الخارج، وهي موارد قابلة للتأثر الشديد سلبًا وايجابًا حيث ان أسباب رواجها ترجع في الغالب لاعتبارات خارجية، وهو ما يجعل المستثمر الأجنبي في البورصة شديد الحساسية لأي تغييرات ومؤثرات سياسية أو اقتصادية اقليمية أو دولية مؤثرة.
وهناك عامل خارجي مؤثر نسبيًا يتمثل في توابع أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية وتأثيراتها علي الاقتصادات الأوربية، وتعني هذه الأزمة عدم قدرة المقترضين لقروض التمويل العقاري علي سداد الاقساط الأمر الذي أثر سلبًا علي البنوك ماليًا من حيث تعثر هؤلاء المدينين وتراجع الموارد المالية المتاحة أمام هذه البنوك، ومن شأن ذلك تخفيض الموارد المالية المتاحة للاقراض أو التمويل من هذه البنوك إلي باقي دول العالم، وهذا الشح في موارد التمويل سوف يضغط علي معظم البنوك العالمية للبحث عن موارد اضافية من خلال رفع سعر الفائدة، وهو ما يؤثر سلبًا علي نشاط البورصات الدولية من حيث تفضيل المدخرين الايداع في البنوك بديلاً عن التعامل في البورصات.
ويغذي العوامل والمتغيرات السابقة وجود حالة توتر داخلي واتجاه مستويات المعيشة إلي التراجع، مع وجود ضبابية شديدة فيما يتعلق بالمستقبل القريب للوضع السياسي في مصر من حيث كيفية انتقال السلطة بغض النظر عما يثار من أن الدستور يكفل عملية الانتقال السلمي لها.
ويجدر في الختام أن أذكر عدة ملاحظات:
* أن الانتعاش في السوق الثاني (السوق الثانوي) أو سوق التداول في البورصة لا يعكس في كثير من الأحوال قوة الاقتصاد فقوة الاقتصاد تقاس بحجم السلع والخدمات التي ينتجها وليس بحجم التداول في بورصة الأوراق المالية (السوق الثانوي).
* مهما زادت الأموال الأجنبية (الساخنة) أو الاستثمار غير الأجنبي المباشر داخل البورصة أو غيرها فإن النتيجة هي المزيد من عدم الاستقرار المالي بل والمزيد من نزيف الأموال إلي الخارج، فالمستثمر الأجنبي في البورصة سواء أفراد أو صناديق لم يجيئوا إلا لمزيد من الأرباح التي يتم تحويلها إلي الخارج.
* ينبغي أن ينصب الاهتمام الحكومي علي تنشيط سوق »الاصدار« أو السوق »الأولي« في البورصة، حيث ان نشاط هذا السوق هو الذي يعكس بحق قوة الاقتصاد لأنه يعني تأسيس المزيد من الشركات والمؤسسات التي تنتج سلعًا وخدمات. هذا ومن المتوقع أن تقل حدة التراجع في أسعار الأسهم خلال الأسبوع القادم، وستستمر حالة الثبات النسبي لهذه الأسعار خلال الشهور الثلاثة القادمة عند هذا المستوي المنخفض من الاسعار، وستظل البورصة (السوق الثانوي) في حاجة شديدة خلال تلك الفترة إلي قرارات وسياسات اقتصادية تهتم بالاقتصاد الانتاجي أو المادي، فضلا عن الحاجة إلي إزالة الضبابية الشديدة التي تغلف النظام السياسي المصري، حتي يكون المستثمر المحلي والعربي والأجنبي مطمئنًا وقادرًا علي قراءة المستقبل بسهولة وبصورة واضحة.

ليست هناك تعليقات:


CNNArabic.com - Business