السبت، ١٥ نوفمبر ٢٠٠٨

"الصيرفة الإسلامية قد تساعد على مواجهة أسباب الأزمة المالية"

"الصيرفة الإسلامية قد تساعد على مواجهة أسباب الأزمة المالية"
سويس إنفو
15/11/2008

أدت الأزمة المالية الحالية الى تسليط الأضواء على نظام الصيرفة الإسلامية ولم يتردد البعض في الذهاب إلى حد القول بأنه قد يشكل حلا يُساعد على تفادي الأسباب الكامنة وراء الأزمة المالية الحالية حتى بالنسبة لغير المسلمين.
في حديث مع السيد هيثم إشويّد، أحد المسؤولين عن قسم علاقات العملاء في بنك فيصل الخاص في جنيف، الذي كان أول بنك يعتمد نظام الصيرفة الإسلامية في سويسرا، نسلط الضوء على خصائص هذا النظام وأسباب عدم تأثر المتعاملين به بالأزمة المالية الحالية بشكل مباشر، وما إذا كان من المحتمل أن يصبح حلا للمعاملات في القطاع المصرفي حتى بالنسبة لغير المسلمين في سويسرا والغرب..
سويس إنفو: ما الذي يميز النظام البنكي القائم على الشريعة الإسلامية عن باقي الأنظمة المصرفية السائدة؟
هيثم إشويّد: كبنك إسلامي أولا نحاول التركيز على الاستثمارات التي تؤدي إلى تنمية الثروات المالية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية. ثانيا، الحفاظ على رأس المال وتفادى المخاطرة وتجنب الاستثمار في ما هو غير أخلاقي ونحرص على تطبيق كل ما تنص عليه الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالمعاملات المالية أي كل ما هو محلل وفق الكتاب والسنة.
سويس إنفو: عندما يأتي شخص ويرغب في التعرف على خصوصية المعاملات المصرفية الإسلامية ما هو الشيء الذي يجلب انتباهه أكثر؟
هيثم إشويّد: أولاً إستراتيجية الاستثمار، والمتمثلة في الحفاظ على رأس المال وعدم الدخول في المخاطر، وتجنب الدخول في مجالات أو معاملات غير أخلاقية وبذلك نركز - في بنك فيصل الخاص - على الاستثمار في العقارات والتمويل التجاري (المرابحة) والمشاركة في الاستثمارات ذات الطابع التنموي.
سويس إنفو: وكيف يمكن للمستثمر أن يتابع او أن يتأكد من الضمانات التي تقدمونها للمتعامل؟
هيثم إشويّد: البنك يخضع لكل الشروط القانونية والبنكية السويسرية، وهناك مراجعون معروفون علي المستوي العالمي يقومون بمراجعة أنشطته والتأكد من أنه يشتغل في نطاق التشريعات المنظمة للقطاع المصرفي بالبلد. وما يستهوي المستثمر بصفة عامة والغير المسلم بصفة خاصة هو أنه توجد في الاستثمار الإسلامي شراكة بين البنك والعميل في الأرباح. أي أن العميل يستثمر في المشاريع التي يقدمها البنك وهو على يقين بأن عدم حصوله (أي العميل) على أرباح يعنى أن البنك لن يحقق أرباحا أيضا، ولذلك فإن البنك لا يدخل في أي استثمار إلا إذا كان متأكدا إلى أبعد حد من أن العملية ستكون صفقة مربحة بحيث يحقق كل من العميل والبنك أرباحا. هذا الأسلوب من الاستثمار يجلب اهتمام المستثمرين غير المسلمين بالدرجة الأولى. فنحن لسنا مثل البنوك التقليدية التي تتقاضى أرباحا سواء كانت الصفقة رابحة أم خاسرة. إذ أن البنوك التقليدية تحدد لك من البداية نسبة الأرباح التي ستأخذها والتي تُحرّمُها الشريعة الإسلامية. أما نحن فلنا طريقة أخرى وهي دخول العميل في مشروع استثماري يديره البنك بجدية لكي يضمن أرباحا للعميل وفي نفس الوقت يضمن حصول البنك على نصيبه من الأرباح التي نغطي بها أجور موظفينا ونفقات البنك وما إلى ذلك.
سويس إنفو: هل هذا النظام المصرفي الإسلامي بدأ يستهوي بنوكا أخرى؟
هيثم إشويّد: الحمد لله بفضل التوعية الإسلامية التي حدثت في العالم في السنوات الأخيرة، أصبح الكثير من الناس يستدركون بأنه من الضروري إتباع الشريعة الإسلامية في جميع معاملاتهم بما في ذلك المعاملات المالية وهذا ما يتجلى اليوم من خلال الإقبال الكبير على الاستثمار الإسلامي الموجود حتى في البلدان التي لا علاقة لها بالإسلام. فقد أدركت البنوك التقليدية أن هناك أموالا بدأت تخرج من المصارف التقليدية وتذهب إلى البنوك الإسلامية وهذا ما أرغمها على إدخال صناديق تتعامل وفقا للطريقة الإسلامية. وهذا ينطبق على أغلبية البنوك الكبرى (بدون ذكر أسماء)، فالكثير من البنوك العالمية بدأت تعرض منتجات تتمشى مع الشريعة الإسلامية.
سويس إنفو: وفي سويسرا كيف ترون تطور نظام الصيرفة الإسلامية؟
هيثم إشويّد: لقد تطور بشكل ملحوظ جدا. وهذا في صالحنا لأننا كمسلمين علينا تشجيع هذا التوجه للبنوك التقليدية نحو الصيرفة الإسلامية. ومن يقول أنهم سينافسوننا نرد عليه بأننا بالعكس نرحب بذلك ونفرح له لأنه كلما ازدادت المنافسة كلما تطورت الفكرة. وكلما تنامت فكرة المعاملات المصرفية الإسلامية كلما عاد الناس إلى ما ينص عليه الشرع وما ينص عليه القرآن الكريم والسنة. لكن ما يميز بنك فيصل الخاص وباقي هذه البنوك التي أدخلت أقساما للصيرفة الإسلامية فيها هو أن بنك فيصل الإسلامي لا يتعامل إلا بالنظام المصرفي الإسلامي ومن هذا المنطلق لا يوجد لدينا اختلاط بين الأموال التقليدية والأموال الناتجة عن معاملات إسلامية.
سويس إنفو: هل تأثر بنك فيصل الخاص بالأزمة المالية الحالية المترتبة في جزء كبير منها عن أزمة الرهن العقارية في الولايات المتحدة الأمريكية ؟
هيثم إشويّد: إذا كان هناك تأثير لهذه الأزمة على البنك فهو بطريقة غير مباشرة ، ولكن ليس بالشكل الذي تأثرت به البنوك الأخرى وبحجم الخسائر التي تكبدتها هذه البنوك، بل باعتبار أن بنك فيصل الإسلامي، كأي بنك إسلامي آخر، هو جزء من الاقتصاد العالمي. فالتأثيرات ناتجة من انخفاض الأسعار في السوق العالمي للعقارات. فعلى سبيل المثال لدينا عدد من المشاريع التي كان من المخطط أن يقوم البنك بتصفيتها في العام 2008 ولكن اضطررنا لتأجيلها لمصلحة العميل والبنك. فمثلا قيمة العقار انخفضت اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 20 او 30% لذلك فانه من غير المجدي أن نقوم بيع هذه العقارات في الوقت الحالي ونتحمل خسارة. لذلك سيتم الانتظار حتى يعود الاقتصاد الى انتعاشه ولدينا القدرة المالية للاستمرار في مشاريعنا خصوصا أن غالبية هذه المشاريع هي شقق يتم تأجيرها ولها دخل ثابت وهذا ما جعلنا نتجنب التأثير المباشر بفضل الله تعالى.
سويس إنفو: هناك من يرى أن هذه الأزمة سلطت الأضواء على أن الصيرفة الإسلامية تتوفر على ما يجنب الكثير من العوامل التي أدت الى نشوب الأزمة المالية الحالية بل اعتبر البعض أنها تمثل حلا لغير المسلمين؟
هيثم إشويّد: بالطبع إذا كانت أسباب الأزمة الحالية نابعة من تقديم قروض بدون ضمانات وبتهور كبير وبيعها وتقديم قروض لتسديد قروض سابقة فإن الأساس الذي تقوم عليه الصيرفة الإسلامية ضد هذا الأسلوب من التعامل ويقوم على المرابحة والمشاركات من أجل تنمية رأس المال. أي أنه قبل أن نقوم بأي شيء يجب أن تكون هناك ضمانات للشخص الذي سنتعامل معه. وهذا ما تستحسنه الغالبية ممن يتصلون بنا وهناك العديد ممن يقول أن في الصيرفة الإسلامية حلا للأزمة الحالية.
سويس إنفو: هل جلبت هذه تحويلات كبرى وزبائن جدد نحو بنك فيصل أو نحو مصارف أخرى تشتغل بالطريقة الإسلامية وهل لديكم إحصائيات بهذا الخصوص؟
هيثم هيثم إشويّد: كبنك فيصل لاحظنا توافدا ولكن ليس بالحجم غير العادي إذ فيه مكالمات وأناس يستفسرون عن خصوصية التعامل في المنتجات الإسلامية وغير الإسلامية ونسبة المخاطرة مقارنة مع المصارف التقليدية. وحيث لاحظنا بعد تفاقم الأزمة المالية الحالية بأن المستثمرين وخاصة الذين أصيبوا بخسائر كبيرة في الأسهم والبورصات العالمية بدؤوا يلجؤون الي الاستثمار في الوقت الحاضر في الاستثمارية قصيرة الأجل وأخذ الاحتياطات الكافية لتجنب المخاطر وهذا ما يدفعهم إلي التوجه إلي الاستثمارات الإسلامية التي توفر لهم ذلك. أما بخصوص الإحصائيات فليست هناك إحصائيات دقيقة في الوقت الحالي.
سويس إنفو: هناك من ينتقد سويسرا لأنها لم تطور نظام الصيرفة الإسلامية بشكل كبير خصوصا وأنها تعرف توافدا كبيرا خصوصا من منطقة الخليج سواء للمعاملات التجارية او للاستجمام والراحة؟
هيثم إشويّد: لا أشاطر هذا الرأي لأن الكثير من البنوك التقليدية في سويسرا بها اليوم منتجات إسلامية. وسويسرا بها اليوم الكثير من الصناديق الإسلامية يفوق ما هو موجود في بلدان أوروبية أخرى وبذلك أرى بالعكس أن سويسرا منفتحة على هذا النظام البنكي الإسلامي وقد أخذت حصتها بجدارة فيما يتعلق بسوق المعاملات الإسلامية. وقد دفع هذا التوافد الكبير لعملاء من بلدان الخليج لديهم أرصدة في البنوك السويسرية التقليدية واستفساراتهم بخصوص المعاملات المصرفية الإسلامية إلى تطوير المنتجات الإسلامية في تلك البنوك.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف

ليست هناك تعليقات:


CNNArabic.com - Business