الجمعة، ١٥ أغسطس ٢٠٠٨

عـامٌ على بدء الأزمة المالية العالمية .. ثم ماذا بعد؟

عـامٌ على بدء الأزمة المالية العالمية .. ثم ماذا بعد؟


سويس انفو
15/8/2008


في بداية أغسطس 2007، قامت البنوك المركزية الرئيسية في العالم بضخّ عشرات المليارات من الدولارات، لمساعدة البنوك التي تعاني من نقصٍ في السيولة، بعد أن اتّـضح أن الأزمة المالية التي انطلقت من الولايات المتحدة، قد فرضت نفسها على الجميع.
بعد مرور عام على هذا الحدث، إلى أين وصلت الأمور؟ خبيران اقتصاديان سويسريان يحاولان الإجابة على هذا السؤال.الخبير الأول، اسمه جون بيير بيغلان، وهو كبير الخبراء الاقتصاديين في مصرف "بيكتيت أند كو" Pictet & Co الخاص، أما الخبير الثاني، فهو بيات كابلر، وهو محلّـل وكاتب أعمِـدة، يُـعتبر مرجِـعا في المسائل الاقتصادية في سويسرا الروماندية (الناطقة بالفرنسية) وفي زيورخ.
سويس انفو: بعد عام على تدخّـل البنوك المركزية، هل فوجئتما بالوِجهة التي اتخذتها الأحداث؟
جون بيير بيغلان: نعم. لم نكُـن نعتقد بأن انخرام التوازن سيستمِـرّ كل هذه الفترة. المشكلة تتمثل في أننا لا نفهم تماما السبب الكامن وراء بقاء نِـسبة الفائدة بين البنوك مرتفِـعة جدا. في الحالة العادية، تنتهي هذه الوضعية أسرع بكثير في أعقاب أزمة.إنني أميل إلى الاعتقاد – دون أن أكون متأكّـدا من ذلك – بأن البنوك المركزية لم تفتح الصنابير فعلا، فهي لم تفتح خطوط إقراضٍ لا نهائية للبنوك، وتبعا لذلك، يظل الشكّ قائما على الدوام لدى البنوك، في إمكانية الحصول على ما يكفي من الموارد المالية في موفى الشهر، لتسوية دفوعاتها، وهو ما يجعلها تتوجّـه إلى عدم الإقراض على المدى الطويل.بيات كابلر: نعم. يجب عليّ أن أعترف بأنني لم أكن أتوقّـع أن تتخذ الأزمة مثل هذا الحجم. كنت أرى أن البنوك تتصرّف بقدر أكبر من الحذر، وهو ما اتّـضح أنه غير صحيح. لم أكن أظن أن حجم الرهونات التي كانت قيمتها مشكوكا فيها، قد بلغت مثل تلك النِّـسب، ولم أكن أنتظر انهيارا لقيمتها بمثل تلك السرعة.ما فاجأ أيضا عددا لا بأس به من المراقبين، هو الانهيار المسجل في الثقة بين البنوك، حيث اتّـضح أن القروض فيما بينها، أضحت مستحيلة. فالقليل من المراقبين اشتبه بحدوث هذا التهديد، الذي يمَـسّ النظام (المصرفي).
سويس انفو: بعد عام من اندلاع الأزمة، هل حان الوقت لاستخلاص الدروس منها؟
جون بيير بيغلان: نعم، إذا ما تعلّـق الأمر بدروس خاطئة، أما الدروس الحقيقية، فلم يحِـن الوقت بعدُ. الدروس الخاطئة هي تلك الانتقادات السطحية الموجّـهة للوساطة المالية، وهي أيضا تلك الانتقادات الأمريكية حصرا، المتعلِّـقة بتقنية منح قروض لمقترضين مشكوك فيهم. وبخصوص النتائج على المدى الطويل فيما يتعلّـق بترتيب عمل الأسواق المالية، فإن استخلاص النتائج منذ الآن، يعني الظهور بمظهر المتعجِّـل.بيات كابلر: الدرس الأول، يتمثل في أن صلابة قرضٍ بنكي، أمر يجب أن يتمّ التفكير فيه بتأنٍّ شديد، وهو ما لم تنتبه إليه المصارف السويسرية خارج البلاد.فالأزمة العقارية السويسرية، التي جدّت قبل 15 عاما، كانت أكثر أهمية بمرتين إلى ثلاث مرات، مقارنة بالدخل الوطني، عمّـا هي عليه حاليا في الولايات المتحدة، وهو ما يقيم الدليل على أن المصارف السويسرية قد استوعبت جيدا هذه التجربة على مستوى سوقها الداخلي، لكنها ظنّـت أن الأمور مختلفة في الخارج، وهذا خطأ.الدرس يتمثّـل إذن في: الاستمرار في مراقبة المقترضين والتصرّف بأقصى درجات الحذر، وربما أيضا عدم منح ثقة مبالغ فيها إلى الآليات الأوتوماتيكية وذات الطابع الحسابي للمنتجات المالية الجديدة.
سويس انفو: انطلاقا من الوضعية الحالية، هل تساوركم المخاوف؟
جون بيير بيغلان: الأسباب التي تدفعني للتخوّف، لا يُـستهان بها، ومردّ ذلك في جزءٍ كبير، أنني لا أتوصّـل إلى تحديدها.فيما يتعلق بالصعوبات المرئية، فإن أهمّـها (وهي بصدد الحلّ)، تتعلّـق بالقروض المقدّمة للبلديات الأمريكية. أما الخِـشية الأخرى، وهي غير محدّدة، فهي مرتبطة باحتمال فِـقدان مفاجئ لمصرف كبير لثقة الجمهور واضطراره للإغلاق أو لطلب مساعدة عامة. (...)، لكن هذا لا يُـعتبر السيناريو الرئيسي لدي.بيات كابلر: لقد أخطأنا على مدى سنة... لكن يبدو أن تدخّـل البنوك المركزية، قد أدّى إلى تهدئة اللعب بين المصارف. فقد بلغ حجم الخسائر في قروض الرهن العقاري الأمريكية، حدّا لم يعُـد بالإمكان معه توقُّـع المزيد. فقد تم هضم التأثير الرئيسي، ومن المفترض أن يتمكّـن النظام المصرفي من العمل مجددا.لكن كل شيء سيتوقّـف بالتأكيد على الظرف الاقتصادي. فإذا ما توجّـه المستهلك الأمريكي إلى الادّخار، فإن الظرف الاقتصادي الأمريكي سيعاني من ذلك، حيث يُـمكن أن تقِـلّ مواطن العمل، وأن تفرِض الديون المرتبطة ببطاقات الائتمان، بإطلاق جولة ثانية من الاستيفاءات، وهي سيف ديموقليس صغيرة لا زالت مسلّـطة.
سويس انفو: للأزمة المالية تأثيرات على الاقتصاد الحقيقي. فقد بدأت ألمانيا، على سبيل المثال، في المعاناة منها. فهل هناك خِـشية من حدوث كساد في سويسرا، التي تُـعتبر ألمانيا شريكها الاقتصادي الرئيسي؟
جون بيير بيغلان: نعم، يُـمكن أن يخشى المرء من أن يتصرّف البنك المركزي الأوروبي بقدر كبير من التضييق وأن يشهد النموّ في أوروبا تباطؤا عنيفا جدا، وأن تؤدي هذه الظروف إلى معاناة الاقتصاد السويسري.هل سنكون بصدد كساد؟ يصعُـب قول ذلك، نظرا لأن القناة التي يتحرك (الكساد المحتمل) من خلالها، ليست معتادة. فهو قد ينجُـم عن انهيار الطلب في أوروبا، ولكن عن صعوبات مالية أيضا، نظرا لحجم القِـطاع المالي في الاقتصاد السويسري. مع هذا، لا تتعلّـق خِـشيتي بفترة كساد، بقدر ما تتعلّـق بفترة طويلة من الركود، تستمر عدة أعوام.بيات كابلر: لا يجب أن نخشى من حدوث كساد حقيقي، ولكن من قدر من التباطؤ في الأنشطة الاقتصادية، هنا وهناك. فإذا لم يُـسجِّـل الاقتصاد الأمريكي انهيارا كاملا، فإن يُـمكن للدول المصنّـعة الجديدة أن تُـنقِـذ الظرف الاقتصادي العالمي. تجدر الإشارة أيضا، إلى أن معدّل صرف الفرنك السويسري إيجابي إلى أبعد الحدود لسويسرا وصادراتها.
سويس انفو – بالاعتماد على حوار باللغة الفرنسية أجراه بيير فرانسوا بيسون

ليست هناك تعليقات:


CNNArabic.com - Business