السبت، ١٢ يوليو ٢٠٠٨

قطار الاقتصاد الألماني يصطدم بصخرة التضخم وقوة اليورو

قطار الاقتصاد الألماني يصطدم بصخرة التضخم وقوة اليورو

دويتشه فيله
12/7/2008

استمرار صعود اليورو أمام العملات الرئيسية في العالم أفقد الاقتصاد الألماني قوته، مما يهدده والاقتصاديات الأوروبية الأخرى بالعجز. والسياسيون يطالبون المركزي الأوروبي بتقليل أسعار الفائدة بهدف مواجهة تباطؤ النمو الاقتصادي.
بدأ الاقتصاد الألماني يفقد شيئاً من قوته خلال العام الحالي مع استمرار صعود سعر صرف اليورو أمام العملات الرئيسية في العالم، مما يقلص القدرة التنافسية للمنتجات الألمانية في الأسواق الدولية إلى جانب الغموض الذي يحيط بآفاق نمو الاقتصاديات الكبرى في العالم. وفي الوقت نفسه فإن تباطؤ نمو الاقتصاد الألماني -وهو أكبر الاقتصاديات الأوروبية- يهدد العديد من تلك الاقتصاديات "بالعجز". وعلى الرغم من البداية القوية للاقتصاد الألماني مع مطلع العام الحالي، فإن الشهور الثلاثة الماضية شهدت فقدان قوة دفع قاطرة الاقتصاد الألماني، الأمر الذي أدى إلى تراجع أغلب التوقعات بشأن نموه خلال العام الحالي. فالصادرات الألمانية التي كانت في وقت من الأوقات قاطرة النمو الاقتصادي للقارة الأوروبية ككل، باتت تواجه اليوم صعوبات متزايدة نتيجة ارتفاع قيمة اليورو أمام الدولار وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي على خلفية الارتفاع غير المحدود لأسعار النفط العالمية.



تراجع الصادرات الألمانية وزيادة وارداتها:
وكشفت إحصاءات صدرت يوم الأربعاء الماضي عن مكتب الإحصاء الاتحادي في مدينة فيسبادن الألمانية عن زيادة الواردات الألمانية بصورة كبيرة خلال شهر أيار/مايو الماضي مما يعكس بشكل جزئي الأسعار المرتفعة، التي تذهب إلى واردات الطاقة. كما أشارت الدراسة إلى ارتفاع الصادرات الألمانية أيضا. فقد ارتفعت الواردات بمعدل 8.2 بالمائة على أساس سنوي لتصل إلى 66.5 مليار يورو (104 مليار دولار)، بينما ارتفعت الصادرات بمعدل 2.5 بالمائة لتصل إلى 80.8 مليار يورو. وبالمقارنة مع الشهر الماضي، زادت الواردات بمعدل 0.7 بالمائة، بينما تراجعت الصادرات بمعدل 3.2 بالمائة. ويذكر أن الجزء الأكبر من المعاملات التجارية الألمانية -تصديرا واستيرادا- كان مع باقي دول الاتحاد الأوروبي.




صادرات ألمانيا إلى دول الاتحاد الأوروبي:
وبلغ حجم الصادرات الألمانية إلى دول الاتحاد 52.5 مليار يورو مقابل واردات بلغت 43.3 مليار يورو. وقد تراجعت قيمة الصادرات خلال أيار/مايو الماضي بنسبة 3.2 بالمائة، مقارنة بصادرات نيسان/إبريل الماضي. وهو أكبر تراجع من نوعه منذ أربع سنوات تقريبا، في حين كان الخبراء يتوقعون نمو الصادرات بمعدل 0.5 بالمائة شهريا. أما واردات أكبر الاقتصاديات الأوروبية من خارج دول الاتحاد الأوروبي فقد ازدادت بمعدل 13.3 بالمائة على أساس سنوي إلى 23.2 مليار يورو.




تراجع الإنتاج الصناعي الألماني:

وفي مؤشر سلبي آخر على تدهور أداء الاقتصاد الألماني أعلنت وزارة الاقتصاد والتكنولوجيا الألمانية يوم الاثنين الماضي تراجع الناتج الصناعي لألمانيا خلال أيار/مايو الماضي وهو مؤشر جديد على فقدان الاقتصاد الألماني قوة الدفع التي تمتع بها السنوات القليلة الماضية. وذكرت وزارة الاقتصاد أن الناتج الصناعي تراجع خلال أيار/مايو الماضي بنسبة 2.4 بالمائة بعد وضع المتغيرات الموسمية في الحساب وذلك في أعقاب تراجعه بنسبة 0.2 بالمائة خلال نيسان/إبريل الماضي.
ويأتي الإعلان عن تراجع الناتج الصناعي لألمانيا خلال أيار/مايو الماضي بعد أيام قليلة من الإعلان عن تراجع الطلب الصناعي في ألمانيا بنسبة 0.9 بالمائة خلال أيار/مايو الماضي أيضا مما يعزز احتمالات تباطؤ نمو الاقتصاد الألماني خلال العام الحالي. وكان الخبراء يتوقعون نمو الطلب الصناعي لألمانيا خلال أيار/مايو الماضي بنسبة 0.6 بالمائة. في حين كان الخبراء يتوقعون نمو الناتج الصناعي بمعدل 0.2 بالمائة خلال أيار/مايو الماضي.




زيادة سعر الفائدة الأوروبية يزيد الوضع صعوبة بالنسبة للاقتصاد الألماني:
ومما يزيد الأمر صعوبة بالنسبة للاقتصاد الألماني والاقتصاديات الأوروبية الأخرى بشكل عام قرار مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي الخميس الماضي زيادة سعر الفائدة الأوروبية بمقدار ربع نقطة مئوية متجاهلا نداءات المسئولين الألمان بالتروي قبل الإقدام على هذه الخطوة، التي تضيف مزيدا من العقبات في طريق قاطرة الاقتصاد الألماني المتعثرة. فقد وافق مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي خلال اجتماعه الدوري على زيادة سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية بسبب تنامي الضغوط التضخمية في منطقة اليورو وذلك للمرة الأولى منذ عام تقريبا وبلغ سعر الفائدة الأوروبية الآن 4.25 بالمائة.
وفي الوقت الذي اتفق فيه أغلب المحللون على صدور قرار من البنك المركزي الأوروبي بزيادة سعر الفائدة، فإنهم منقسمون بشأن ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون محاولة غير متكررة لكبح جماح التضخم أم بداية لسلسلة من الزيادات في سعر الفائدة. كان وزير المالية الألماني بير شتاينبروك قد حذر البنك المركزي الأوروبي من الإقدام على زيادة سعر الفائدة في حين ألمح جان كلود تريشيه رئيس البنك إلى أن زيادة الفائدة قد تكون خيارا رئيسيا لمواجهة التضخم الذي وصل إلى 4 بالمائة خلال الشهر الماضي. ويعزز قرار البنك المركزي الأوروبي المخاوف من اتجاه البنوك المركزية في الاقتصاديات الرئيسية بالعالم نحو زيادة سعر الفائدة لكبح جماح التضخم خاصة في ظل استمرار ارتفاع أسعار النفط العالمية وكذلك ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وتواجه البنوك المركزية في العالم معضلة اقتصادية حيث يترفع معدل التضخم في الوقت الذي يتراجع فيه معدل النمو. ولذلك ففي حين تسعى هذه البنوك إلى كبح جماح التضخم بزيادة أسعار الفائدة فإن السياسيين والحكومات يطالبون بتقليل أسعار الفائدة بهدف مواجهة تباطؤ النمو الاقتصادي.


دويتشه فيله + د.ب.أ (س.ك)

ليست هناك تعليقات:


CNNArabic.com - Business