الخميس، ٢٣ أكتوبر ٢٠٠٨

العراق ينجو من أسوأ ما في أزمة الائتمان لكن هبوط النفط مؤلم

العراق ينجو من أسوأ ما في أزمة الائتمان لكن هبوط النفط مؤلم

Thu Oct 23, 2008 12:03pm GMT

بغداد (رويترز) - بكل المقاييس يمر العراق بوقت عصيب منذ عام 2003. غير أنه حين يأتي الامر إلى الازمة المالية فربما يكون العراق لمرة واحدة في وضع أفضل من غيره.
فقد حصدت دوامة العنف أرواح عشرات الالاف من العراقيين خلال الاعوام الخمسة الماضية. ودمرت الحرب وأعمال العنف قسما كبيرا من البنية التحتية للبلاد. وشهدت البلاد فرارا جماعيا للمتعلمين بينما لا تزال آمال المصالحة تراوغ العراقيين.
لكن سنوات من العقوبات والعزلة ابان حكم صدام حسين تعني أن العراق لم يدخل نسيج النظام المالي العالمي الذي يمر بواحدة من أسوأ أزماته منذ الكساد العظيم في الثلاثينيات من القرن الماضي.
وقال مسؤول بالسفارة الامريكية في بغداد طلب عدم نشر اسمه "الخبر السار على نحو غير متوقع هو أن العراق ليس مرتبطا بشدة بالاقتصاد العالمي."
وحتى يوليو تموز لم يكن سوى نصف البنوك العراقية تقريبا مهيأ للقيام بتحويلات مصرفية دولية. وتتم الصفقات الكبيرة عادة نقدا حيث يحمل رجال الاعمال رزما ضخمة من الدولارات.
وفي حين يمكن أن يؤدي تباطؤ النمو العالمي إلى انخفاض تدفقات الاستثمار الخاص على بعض الصناعات خارج قطاع النفط الحيوي فان العراق بمنأى من أسوأ جوانب الازمة التي تعصف بالاسواق المالية العالمية.
ويتفق ايريك دي فريجر رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى العراق مع هذا الرأي قائلا ان العراقيين "بمعزل عن هذه الصدمات". وأضاف أن مشكلة العراق هي العثور على سبل لانفاق المال الذي يملكه بالفعل.
لكن انخفاضا حادا في أسعار النفط في الاسابيع الاخيرة يمكن أن يسبب مشاكل على المدى البعيد للعراق حيث تمثل صادرات النفط أكثر من 90 في المئة من عائدات الحكومة.
وبينما يسعى العراق جاهدا للوقوف على قدميه مع انحسار وتيرة العنف فانه يسعى جاهدا لتحسين الخدمات الاساسية مثل الكهرباء والمياه وجذب استثمارات وخلق فرص عمل.
ويخشى كثيرون من تجدد أعمال العنف اذا لم تتحول وعود الخدمات وفرص العمل والرخاء إلى واقع ملموس.
والعراق محظوظ بالفعل لجلوسه على ثالث أكبر احتياطي للنفط الخام في العالم كما أن حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التي تدعمها الولايات المتحدة تتخذ خطوات لزيادة الانتاج.
وفي الاسبوع الماضي استقطب وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني اهتماما كبيرا في لندن من كبريات شركات النفط مثل اكسون موبيل ورويال داتش شل التي تتنافس على عقود لتشغيل ثمانية حقول ضخمة للنفط والغاز.
وساعد ارتفاع كبير في أسعار النفط العالمية التي تجاوزت 147 دولارا للبرميل في ذروتها في يوليو تموز على تحسين الموقف المالي للعراق.
وفي اغسطس اب تكهنت الولايات المتحدة بأن عائدات النفط يمكن أن تصل الى 79 مليار دولار هذا العام أي اكثر من مثلي متوسط ايرادات النفط السنوية للعراق منذ عام 2005 وحتى 2007.
لكن أسعار النفط شهدت انخفاضا حادا في الاونة الاخيرة اذ انخفضت بنسبة تجاوزت الخمسين في المئة عن يوليو مع تأرجح النمو العالمي. ويوم الاربعاء هبط سعر الخام الامريكي الى أقل من 70 دولارا للبرميل.
وقد لا تردع الاسعار المنخفضة المستثمرين في قطاع النفط الذين يميلون إلى التطلع إلى ما هو أبعد من تقلبات السوق الراهنة لكنها تهدد بتقويض انفاق الحكومة العراقية اذا ظلت الاسعار منخفضة لوقت طويل.
وقد عدل العراق بالفعل سعر النفط الذي وضع على أساسه الميزانية المقترحة لعام 2009 والبالغة 79 مليار دولار الى 80 دولارا للبرميل وقد يضطر الى تعديل السعر مجددا. وقالت الحكومة يوم الاربعاء انها تراجع ميزانية عام 2009 بسبب انخفاض أسعار النفط.
ويقول مراقبون إن انخفاض أسعار النفط لا يمثل تهديدا فوريا لمشاريع اعادة الاعمار الضرورية مثل تحسين امدادات الكهرباء والمياه.
وفي عام 2007 أنفق العراق أقل من 30 في المئة من مبلغ 12 مليار دولار خصصه للاستثمار والمشروعات الرأسمالية مما أثار غضب الكثير من الساسة الامريكيين الذين يشكون من أن العراق بحاجة إلى أن ينفق مزيدا من الاموال على اعادة الاعمار.
وخصصت الحكومة مليارات الدولارات في الاعوام الاخيرة لقطاعات النفط والمياه والكهرباء ولكن لم يتم انفاق هذه الاموال بعد. ويقول مسؤولون أمريكيون ان العراق راكم ودائع مالية قيمتها 29.4 مليار دولار حتى ديسمبر كانون الاول عام عام 2007.
لكن احتياجات العراقيين ملحة. فالكثيرون لا يحصلون على الكهرباء من الشبكة العامة الا لبضع ساعات في اليوم. وبالنسبة للبعض تعتبر المياه النظيفة رفاهية. وما زالت معدلات البطالة مرتفعة بشدة.
وفي حين يتوقع أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي تسعة في المئة للعام الحالي 2008 فان الوضع خارج قطاع النفط أشد قتامة حيث يقول مسؤولون انه حدث في الوقع انكماش طفيف في عام 2007.
بل ان تيموثي ميلز رئيس غرفة التجارة الامريكية بالعراق قال ان الازمة المالية العالمية يمكن أن تخلق مشكلات للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تبحث عن قروض لمشاريع في العراق.
كما سينافس العراق على جذب اهتمام صائدي الفرص الذين ظهرت أمامهم الآن بفضل الظروف الراهنة مجموعة من الخيارات الرخيصة للاستثمار في أماكن امنة بعيدا عن المخاوف الامنية في العراق.
وقال ميلز "من المرجح أن يقل الاستثمار في القطاعات (غير النفطية) لحين اتضاح الموقف باستثناء المشاريع التي يبدو نجاحها واضحا ويجري تمويلها بأموال عراقية او خليجية."
وقد تكون الاستثمارات الخاصة في قطاعي الفنادق او البناء أول ما سيعاني.
وعبر امجد الجبوري رئيس غرفة تجارة بغداد عن أمله في الا تؤثر هذه الازمة على قدرة العمال على العثور على فرص عمل.
وقال المسؤول بالسفارة الامريكية "ربما يكون العراق قادرا على التعامل مع هذا بشكل افضل من الاخرين."
وأضاف "من ناحية أخرى... فان الاقتصاد لا يزال هشا جدا بل ان انخفاضا طفيفا في النمو سيكون سيئا. العراق يحتاج الى كل شيء يستطيع الحصول عليه."
من ميسي ريان
© Thomson Reuters 2008 All rights reserved.

ليست هناك تعليقات:


CNNArabic.com - Business