الأربعاء، ٨ أكتوبر ٢٠٠٨

الاقتصادات العربية في مواجهة الأزمة العالمية: خوف المستثمرين يقابله تفاؤل المسؤولين

الاقتصادات العربية في مواجهة الأزمة العالمية: خوف المستثمرين يقابله تفاؤل المسؤولين

الرأي الكويتية
الاربعاء 8 أكتوبر 2008 8:59 ص

أي متابع للمشهد الاقتصادي العربي سيتوقف كثيرا عند حالة الانفصام الواضح ما بين تصريحات المسؤولين الوردية الواثقة من ابتعاد الاقتصادات العربية عن عواصف الأزمة العالمية، وبين مخاوف المستثمرين ودوائر المال والأعمال التي تبدت بوضوح في التراجع الكبير للأسواق المالية العربية خلال الأيام الماضية.غير أن هذه الحالة لها بالفعل ما يبررها. فالاقتصادات العربية، ونتيجة عوامل عديدة، ظلت في «المنزلة بين المنزلتين»، فلا هي تضررت بشدة من الأزمة المالية في الغرب، ولا هي ظلت بعيدة تماما عن تداعياتها.فالاستثمارات العربية في المؤسسات المالية الأميركية وقطاع العقارات في الولايات المتحدة تضررت بشدة. والبورصات العربية تأثرت كثيرا بانسحاب الأموال الأجنبية التي عادت إلى بلادها لتغطية المراكز المالية لمؤسساتها في ظل أزمة الائتمان.في المقابل ظلت البنوك العربية بشكل عام بعيدة عن الآثار المدمرة للأزمة المالية العالمية بسبب الضوابط الحكومية المنظمة لعمليات الإيداع والإقراض في تلك البنوك فلم تعاني البنوك من ظاهرة الديون المعدومة.ونقلت إذاعة «دويتشه فيله» الألمانية في موقعها على الإنترنت عن رئيس القسم الاقتصادي لمركز الخليج للأبحاث في دبي إيكارد فورتس إن تحفظ البنوك الخليجية في ما يخص الاستثمارات في المجالات عالية المخاطر في الأسواق الأجنبية حد من تداعيات الأزمة الغربية عليها.ويرى فورتس أن أسباب الهزات الطفيفة في أسواق المال الخليجية قد تعود إلى أنشطة المؤسسات الحكومية الخليجية في الخارج، مثل الإيداعات الحكومية التي ربما تكون قد استثمرت في السندات الأميركية المحفوفة بالاضطرابات. لكنه يرى أن الأمر هناك ليس خطيراً نظراً لأن سيولة الإيداعات الخليجية مضمونة من عائد قطاعات أخرى كتصدير النفط. ويضيف أن المشكلة الوحيدة قد تكمن في ارتفاع الأسعار في الأسواق المالية.ويقدر حجم الإيداعات الحكومية الخليجية التي تم استثمارها في الأسواق العالمية نحو 8.1 مليار دولار، كما يقول فورتس وهو مبلغ ضئيل بالفعل.أما في لبنان، فقد أكد وزير المالية اللبناني محمد شطح اول من أمس استقرار النظام المصرفي المحلي رغم حالة القلق التي تثيرها الأزمة المالية العالمية بين اللبنانيين.وقال شطح إن العملة اللبنانية والقطاع المصرفي اللبناني آمنان، مشيرا إلى أن حجم الزيادة في الودائع بالبنوك اللبنانية حتى نهاية سبتمبر الماضي تجاوزت سبعة مليارات دولار وهو مؤشر على أن الموقف المالي للبنان آمن.في الوقت نفسه، قلل وزير المالية الأردني حمد كساسبة من خطورة تأثير الأزمة المالية العالمية الراهنة على الاقتصاد الأردني. وقال كساسبة إن الجهاز المصرفي الأردني بعيد عما يحدث في العالم، بسبب قلّة التشابكات بينه وبين نظيره العالمي، وبالتحديد في الولايات المتحدة وأوروبا.وأشار الوزير الأردني إلى أن الرقابة الصارمة من جانب البنك المركزي على البنوك التجارية في الأردن ومعدل نمو الاقتصاد الذي وصل إلى نحو 6 في المئة خلال النصف الأول من العام الحالي ونمو احتياطي النقد الأجنبي للأردن بنسبة 13 في المئة منذ بداية العام الحالي ليصل إلى 7.5 مليار دولار ساهمت في الحد من تداعيات الأزمة العالمية على الاقتصاد المحلي. وقال إن الاضطرابات الحالية في أسواق الأسهم العالمية لن يكون لها تأثير مباشر أو غير مباشر على بورصة عمان للأوراق المالية.وفي مصر، قالت مصادر رقابية رسمية إن المرحلة الثانية من خطة الإصلاح المصرفي التي يعتمدها البنك المركزي المصري تحمل توجهاً لإقامة نظام حديث للتأمين علي الودائع، بما يفتح الباب أمام تطبيق آلية إشهار إفلاس البنوك غير المنضبطة، دون أن يؤثر ذلك على صغار المدخرين، وهي الآلية التي ظل البنك لعقود يحرص علي استبعادها، ويساند البنوك المتعثرة من خلال عوائد الودائع البنكية المتراكمة لديه.وأوضحت المصادر أن الأزمة المالية العالمية كانت السبب الرئيسي في تغيير قواعد اللعبة، حتى يتمكن الجهاز المصرفي من التنافس بكفاءة علي المستويين الدولي والإقليمي لافتة إلى أن البنك المركزي استبق الأزمة المالية العالمية الحالية، باتخاذ عدة خطوات احترازية، حالت دون تأثر القطاع المالي وأسواق النقد سلباً.وأكدت المصادر أن مصر كانت ستواجه موقفاً حرجاً للغاية إذا حدثت الأزمة الحالية قبل بدء إجراءات الإصلاح المصرفي في عام 2004، منبهة إلى أهمية توحيد جهة الرقابة على جميع أسواق المال.وإذا كان لأي أزمة «وجه مضيء» كما يقال فإن الأزمة المالية العالمية يمكن أن تتحول إلى فرصة جيدة بالنسبة لبعض الدول العربية الباحثة عن الاستثمار مثل مصر ولبنان ودول المغرب العربي.ففي ظل حالة الاضطراب الشديد التي تتعرض لها أسواق الاستثمار التقليدية في أميركا وأوروبا يمكن لدول مثل مصر ولبنان والجزائر وتونس أن تطرح نفسها باعتبارها مقاصد استثمارية آمنة للاستثمارات الخليجية والدولية التي تبحث عن مقاصد لها.وبالفعل تعتزم وزارة الاستثمار المصرية إطلاق حملة ترويجية في الخارج بهدف جذب الاستثمارات سواء للمصريين العاملين في الخارج أو العرب بعد الازمة المالية التي لحقت بالاقتصاد الأميركي وأثرت سلبا على مختلف الاقتصاديات الأخرى.وقالت مصادر في وزارة الاستثمار ان هذه الخطة تبدأ من أميركا اذ تستعد قيادات في وزارة الاستثمار للقيام بزيارة الى واشنطن في نهاية الشهر ولقاء مسؤولي البنك الدولي لبحث الوسائل المتعلقة بالحد من الأزمة المالية التي تتعرض لها أسواق المال في الدول النامية، فضلا عن طرح فرص استثمارية في مصر على المستثمرين المصريين العاملين في أميركا تتمثل في مشروعات التصنيع الغذائي وتجارة التجزئة..


ليست هناك تعليقات:


CNNArabic.com - Business