الثلاثاء، ٣٠ ديسمبر ٢٠٠٨

كاتب أمريكي يعيد الاعتبار إلى طلعت حرب مؤسس بنك مصر

كاتب أمريكي يعيد الاعتبار إلى طلعت حرب مؤسس بنك مصر

Tue Dec 30, 2008 7:16am GMT

القاهرة (رويترز) - في حين تواجه الحكومة المصرية سخطا شعبيا منذ سنوات بسبب الاتجاه الى بيع أصول شركات وبنوك حكومية يعيد كتاب لباحث أمريكي الاعتبار الى الاقتصادي الرائد طلعت حرب مؤسس (بنك مصر) كما يقدم بانوراما لاستجابة قطاعات عريضة من المصريين للدعوة لانشاء بنك وطني كجزء من مواجهة الاحتلال البريطاني للبلاد انذاك.
فبعد بيع (بنك الاسكندرية) أعلنت الحكومة عن طرح (بنك القاهرة) للبيع وسط غضب شعبي ساندته الصحف الحزبية والخاصة حتى ان عشرات من المثقفين والاقتصاديين وزعماء الاحزاب اقترحوا فكرة الاكتتاب العام لشراء أسهم البنك بدلا من بيعه.
ويلقي الباحث الامريكي ايريك ديفيز أضواء على فترة انشاء بنك مصر عام 1920 حيث دعا حزب الوفد لمقاطعة البضائع البريطانية وعني المصريون بسحب "ودائعهم من البنوك البريطانية وايداعها في بنك مصر...علاوة على لجان المقاطعة شكل الطلاب لجانا لمعاونة بنك مصر على مستوى الجامعة والمدارس الثانوية على السواء وتنافست هذه اللجان فيما بينها لبيع القدر الاكبر من الاسهم" وكانت المدرسة التي تحقق هذا الهدف تحصل على عدد من الاسهم في بنك مصر.
ويقول في كتابه (طلعت حرب وتحدي الاستعمار.. دور بنك مصر في التصنيع 1920-1941) ان حرب ورفاقه من الوطنيين المصريين "كانوا سابقين لعصرهم بشدة بمحاولتهم تأسيس أول شركة متعددة الجنسيات في العالم الثالث" في اشارة الى عدة شركات اقتصادية انبثقت عن بنك مصر وكانت لها فروع في بعض الدول العربية.
ويدلل على ذلك قائلا ان حرب (1867-1941) قام برحلات الى الشام عامي 1928 و1929 وقابل زعماء محليين في يافا والقدس ورام الله وبيروت ودمشق تمهيدا لافتتاح فرعين لبنك مصر أحدهما في فلسطين والاخر في سوريا ولبنان حيث افتتح فرع (بنك مصر-سوريا-لبنان) عام 1930 وحقق "نجاحا...كان طلعت حرب.. وباقي مديري بنك مصر ينتابهم بلا شك قلق بشأن النفوذ الصهيوني المتصاعد في فلسطين" التي لم يتم افتتاح فرع لبنك مصر بها.
والكتاب رسالة علمية لمؤلفه لنيل الدكتوراه من جامعة برينستون. والترجمة العربية التي أنجزها هشام سليمان عبد الغفار المدرس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة تقع في 239 صفحة كبيرة القطع وتصدر يوم الخميس مع مطلع العام الميلادي الجديد في القاهرة عن مكتبة الشروق الدولية.
وقال عبد الغفار في مقدمة الكتاب ان دور حرب "الريادي في تأسيس قلعة مجموعة مصر الاستثمارية وبنك مصر في القلب منها" كان جزءا من منظومة متكاملة كتب لها الاستمرار حتى بعد رحيل مؤسسيها.
وشدد على أن أهمية تجربة حرب تكمن في دراسته الحالة الاقتصادية في سياق المحيط الاجتماعي "بحيث تأتي التجارب الاقتصادية لخدمة المجتمع لا أن يتم استغلال البشر لدفع تكلفة نمو الاقتصاد" مضيفا أن الاستقلال الاقتصادي الذي قاده بنك مصر "باقتدار" كان أساسا للاستقلال السياسي.
ونوه وزير الصناعة المصري الاسبق ابراهيم فوزي في مقدمة الكتاب الى أن هذه الدراسة تعطي نموذجا لالتزام أكاديمي "كدنا نفتقده بين باحثينا في مصر" مضيفا أن مؤلف الكتاب كان مشغولا بمعرفة جذور حرب والظروف التي شكلت وعيه وتجربته حيث نشأ في عائلة فقيرة لا تملك فدانا كاملا في محافظة الشرقية شمال البلاد لكنه " حارب" أكثر من تسع سنوات في سبيل انشاء بنك مصر حتى تحقق حلمه بتأسيسه عام 1920.
ويقول ديفيز مؤلف الكتاب إن الاصول الاجتماعية لحرب وخبراته التعليمية والمهنية واسهامه في الحركة السياسية والفكرية المصرية كانت تركيبة "مثلى لتأهليه لتأسيس أول بنك وطني في مصر" برأسمال مشترك قدره 80 ألف جنيه مصري.
وفي الاعلان عن انشائه تحمس المصريون في المدن والقرى للترويج لاسهم البنك وتأسست لجنة تنسيقية هي (لجنة تغطية أسهم بنك مصر) بالقاهرة في يناير كانون الثاني عام 1922 .
ويضيف أنه في سنوات قلائل افتتح البنك فروعا بكثير من المدن المصرية وأسس شركات أولها (مطبعة مصر) تلتها الشركة المصرية للتجارة وحلج القطن 1924 وشركة مصر للنقل والملاحة وشركة مصر للمسرح والسينما (ستوديو مصر) وشهد عام 1927 "ميلاد أهم شركات بنك مصر وهي شركة مصر للغزل والنسيج" بمدينة المحلة الكبرى في محافظة الغربية بالدلتا كما تأسس عام 1926 بنك مصر فرع فرنسا لتقديم خدمات السفر للمصريين في أوروبا.
ويقول إن شركة مصر للمناجم والمحاجر كانت احدى الشركات الفاعلة في التعاملات الاقتصادية خارج مصر حيث وضع حرب تصورا لما يمكن أن تضطلع به من "دور كبير في التنقيب عن البترول في العالم العربي وهو الهدف الذي كان طلعت حرب حريصا في عدم الافصاح عنه بسبب حساسية مسألة النفط في ظل التنافس بين القوى الاستعمارية في منطقة الشرق الاوسط."
ويسجل أن بين أوراق حرب الخاصة خطابا يحمل تأشيرة "سري للغاية...يوضح بجلاء أن التنقيب عن البترول وتوزيع المنتجات البترولية في مصر كان موضوعا هاما على أجندة بنك مصر في نهاية ثلاثينيات القرن العشرين وبالطبع فقد وضعت أزمة عام 1939 نهاية هذه الخطط" في اشارة الى نشوب الحرب العالمية الثانية.
ويلخص ديفيز التجربة قائلا ان بنك مصر كان "يسير على الدرب الصحيح ليصبح أقوى مؤسسات مصر المالية بحلول عام 1930" لكن بريطانيا التي كانت تحتل مصر انذاك كانت تنظر اليه باعتباره جزءا من الحركة القومية العربية وهو ما دعم صورة البنك وشركاته "على أنها مناوئة لبريطانيا" والتي لم تنس أن حرب دعا في كتابه (قناة السويس) عام 1910 الى عدم تجديد عقد امتياز قناة السويس لمدة 50 عاما أخرى لشركة قناة السويس المملوكة للاجانب.
من سعد القرش
© Thomson Reuters 2008 All rights reserved.

ليست هناك تعليقات:


CNNArabic.com - Business