الأحد، ٢١ سبتمبر ٢٠٠٨

هانس كيسلينغ: "سويسرا قد تـتحوّل إلى دولة إقـطاعية"

هانس كيسلينغ: "سويسرا قد تـتحوّل إلى دولة إقـطاعية"
سويس إنفوا
21/9/2008

في سويسرا، تتـركـّز 71% من الثروة في أيـدي 10% فقط من السكان؛ وهي حقيقة يعتبرها الخبير الاقتصادي هانس كيسلينغ مثيرة للانزعـاج، حتى أنه يعتقد أنها قد تـُحول البلاد إلى "دولة إقطاعية".
وفي حديث مع سويس انفو، أوضح كيسلينغ أن الهوة تتسع بين الأغنياء وباقي السكان، وأن هذا الوضع قد يـُهدد النظام الديمقراطي التقليدي لسويسرا واقتصادها. كما دعا إلى فرض ضريبة على مواريث الأثريـاء.
تبينُ الإحصائيات أن أغنى 300 شخص أصبحوا أكثر ثراء بنسبة 40% خلال السنوات الثمان الماضية، بينما انخفض دخل معظم السكان في سويسرا مقارنة مع بدايات عقد التسـعينات. ويقول الباحثون إن مختلف أنحاء العالم تشهد أيضا هذا التوجه بحيث تغتني أقليلة قليلة فيما تفتقر الأغلبية الساحقة.وقـد نشر الخبير الاقتصادي هانس كيسلينغ، الرئيس السابق لقسم الإحصائيات في كانتون زيورخ، كتابا بعنوان "اغتناء بدون مشقة. زحف الإقطاعية على سويسرا". (عنوان الكتاب بالألمانية: Reichtum ohne Leistung. Die Feudaliserung der Schweiz).

سويس انفو: تشتهر سويسرا في جميع أنحاء العالم بكونها دولة ديمقراطية واجتماعية وفدرالية، لكنكم تقولون في كتابكم إنها قد تتحول إلى دولة إقطاعية.
هانس كيسلينغ: أقول ذلك لأن شكل الديمقراطية المباشرة في سويسرا (التي تتيح للشعب ممارسة السلطة بشكل مباشر عبر المبادرة الشعبية والاستفتاء الاختياري) مُعرضة جدا للتأثير من قبل أغنى الأغنياء. والمشكلة هي أن لدينا هنا أعلى كثافة من هؤلاء الأثرياء جدا، بحيث يعادل عددهم مليونيرات ألمانيا بأكلمها.وقد أصبح لنخبة الأغنياء للغاية "السوبر ريتش" تأثير متزايد على نتائج التصويت، ولقد شاهدنا ذلك لأول مرة في عام 1992 خلال الاستفتاء على انـضمام سويسرا إلى المجال الاقتصادي الأوروبي. فقد أنفق المليونير (والوجه القيادي لحزب الشعب السويسري اليميني المتشدد) كريستوف بلوخر ملايين الفرنكات على الحملة المضادة لذلك الانضمام. وكانت النتيجة فشل التصويت، وأنا على قناعة بأننا كُنا سنكون اليوم أعضاء في المجال الإقتصادي الأوروبي لولا ملايين بلوخر.

سويس انفو: أفكاركم لم ترق للأغنياء والأوساط البورجوازية، كيف واجهتم تلك الانتقادات؟
هانس كيسلينغ: أعتقد على الرغم من كل شيء أنني واجهت موقفا عادلا. فمعظم وسائل الإعلام صدّقتني لأنني انتهج أساسا خطا ليبراليا. لكنني أؤكد بحرص في كتابي على أنني أؤيد بالفعل المنافسة القائمة على توجه يراعي النجاعة أساسا، وأنني لست ضد أي شخص يصبح غنيا جدا من خلال أدائه الاقتصادي الخاص.

سويس انفو: تقولون إن تمركز الثروة (في يد نخبة الأثرياء للغاية) تهدد أيضا الاقتصاد. ماذا تقصدون بذلك؟
هانس كيسلينغ: إذا كانت الطبقات ذات الدخل المتوسط والضعيف تعتقد أن الفجوة بينها والأغنياء اتسعت أكثر من أي وقت مضى، وأنها الجهة الخاسرة في اقتصاد السوق المرتكز على المنافسة القائمة على توجه يراعي النجاعة أساسا، فإن هذا يهدد بطبيعة الحال نظام اقتصاد السوق بشكل مباشر.الناس سيبدأون في انتقاد هذا النظام، والنتيجة التي قد تترتب عن ذلك واضحة: التفكير في إجراءات حمائية. ويمكنكم بعد معاينة مثل هذا الوضع في الولايات المتحدة حيث فشلت الطبقات المتوسطة. أما الآن، فإن المرشحـيـْن الرئاسيين يغازلان (الناخبين) بإجراءات ذات طابع حمائي، وهذا يُهدد الاقتصاد حقا.

سويس انفو: تدعون إلى فرض ضرائب على مواريث الأغنياء، وهو إجراء رفضه بعد سكان زيورخ. ألا تعتقدون أن كبار الأثرياء سيغادرون سويسرا إذا ما فرضت هذه الضريبة؟
هانس كيسلينغ: إن الحد الأقصى للضريبة على المواريث في ألمانيا المجاورة يستقر في 40%، بينما تفرض فرنسا نسبة أعلى. فليس هنالك خطر هروب الأغنياء إلى هذين البلدين.أنا أدعو إلى فرض ضرائب على الـمواريث العالية جدا، أي ابتداء من مليون فرنك سويسري، وفقط على فائض قيمة تلك الثروات. فأنا بالتأكيد لا أريد أن تعتقد الناس بأنه ليس باستطاعتهم توريث المنزل العائلي إلى الجيل الـقادم، بل إن اهتمامي ينصب على محاولة وقف زحف النظام الإقطاعي لتفادي ظهور مجموعات ضخمة (من الأثرياء) تـُهدّد الاقتصاد وعالم السياسة، مثلما هو الحال في أمريكا الجنوبية.

سويس انفو: يقول خبراء سويسريون آخرون إن الطبقة المتوسطة تـفتقر بينما يزداد الأغنياء ثراء. وهو توجه تعرفه مختلف أنحاء العالم. هل في هذا المعطى تأكيد لوجهة نظركم؟
هانس كيسلينغ: نعم، فكما سبق أن قلت، لدينا أعلى تركيز للمليونيرات في سويسرا. وفيما يخص الطبقات المتوسطة، فإنني لم أقارن فقط الأغنياء بالفقراء، بل الأغنياء بالشرائح ذات الدخل المتوسط.ويمكنني أن أعطيكم أرقاما في هذا السياق: إن نسبة عُشر واحد من المائة من أغنياء زيورخ - بحيث لا توجد إحصائيات سويسرية كاملة - كانوا يتوفرون في عام 1991 على ثروة تفوق بـ 677 مرة ثروة المواطن العادي. وبحلول عام 2003، أي بعد مضي 12 عاما، ازدادوا غنى بـ 1027 مرة؛ وبالتالي فإنه يمكن القول إن الفجوة اتسعت بالفعل.ولم تستفد الطبقات المتوسطة، على عكس الطبقات ذات الدخل الضعيف، من أي تنازلات، مثل إعانات التأمين الصحي ورعاية الأطفال. فيتعين عليها استخدام جميع ممتلكاتها قبل تلقي أي نوع من الدعم. أما الطبقات الضغيفة الدخل فهي تحصل على المساعدة من البداية، لذلك أقول إن الطبقات المتوسطة مُهددة.


سويس انفو - اعتمادا على تقرير بالألمانية لـجون-ميشيل بيرتـو

ليست هناك تعليقات:


CNNArabic.com - Business