الخميس، ٤ ديسمبر ٢٠٠٨

النفط الرخيص نعمة على المدى القصير ونقمة على المدى البعيد

النفط الرخيص نعمة على المدى القصير ونقمة على المدى البعيد

Thu Dec 4, 2008 8:59am GMT

لندن (رويترز) - من المؤكد أن اصحاب السيارات يشعرون بالارتياح لأن أسعار الوقود لم تعد مصدرا للقلق في وقت يواجهون أسوأ كساد منذ الثلاثينيات من القرن الماضي ولكن الوقود الرخيص ليس في مصلحة أحد على المدى الطويل.
فقد انهارت أسعار النفط العالمية منذ يوليو تموز الماضي وفقدت ثلثي قيمتها بعد وصولها الى أعلى مستوى على الاطلاق قرب 150 دولارا للبرميل مما أدى الى نزول أسعار الوقود الى أدنى مستويات منذ عدة سنوات.
لكن في حين أن أسعار الوقود المنخفضة مبعث ارتياح على المدى القصير للمستهلكين والشركات التي تكافح لمواجهة الازمة المالية والاقتصادية فانها قد تكون نقمة على الجميع على المدى البعيد.
فأسعار الطاقة المنخفضة تحد من الاستثمار في صناعة النفط مما يقلص الامدادات المستقبلية للاسواق كما أنها لا تشجع على ترشيد استهلاك الطاقة وتزعزع استقرار الدول المعتمدة على تصدير النفط مما يعزز احتمالات ارتفاع تكلفة النفط مستقبلا ويجعل امداداته أقل استقرارا.
وربما يكون الاهم من ذلك كله أن أسعار الطاقة المنخفضة توقف فعليا الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة وهو ما يؤدي بدوره الى تفاقم الاعتماد على النفط وغيره من انواع الوقود الاحفوري مما يزيد من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.
يقول مايك ويتنر رئيس ابحاث النفط في بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي "على المدى القصير جدا ولاننا في حالة كساد فان انخفاض أسعار النفط أمر مفيد لنا جميعا. انها بمثابة اعفاء ضريبي حيث توفر لنا اموالا لفترة قصيرة.
"لكن على المدى البعيد فان أسعار النفط اليوم أقل من أن تدعم امدادات جديدة تذكر وستؤدي الى ابطاء التحرك نحو الوقود البديل والتكنولوجيا الجديدة وترشيد الاستهلاك."
وقال الملك عبدالله عاهل السعودية يوم السبت ان 75 دولارا للبرميل يمثل سعرا "عادلا" للنفط. وفسر وزير البترول السعودي علي النعيمي ذلك لاحقا بقوله ان النفط عند هذا المستوى سيشجع على الانتاج الجديد من مصادر هامشية أعلى تكلفة.
وأثار التعليق انتقادات من بعض الاوساط وقال وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني توشيهيرو نيكاي للصحفيين في طوكيو "هناك تعليقات متكررة من منتجي النفط عن سعر بين 60 و 75 دولارا للبرميل. بالنسبة لنا فانه كلما كان سعر النفط أرخص كان ذلك أفضل."
لكن معظم المحللين يتفقون بشكل عام مع وجهة النظر السعودية ويقولون انهم يخشون عواقب نقص الاستثمار في صناعة النفط ويشددون على ضرورة الحيلولة دون نقص المعروض في الاعوام المقبلة.
ويقولون ان تعليق اليابان التي تعتمد كليا تقريبا على واردات الطاقة وتبدو في طريقها الى أطول فترة انكماش الاقتصادي على الاطلاق يعكس رؤية استراتيجية قصيرة المدى.
وقال مايكل لويس رئيس ابحاث السلع الاولية في دويتشه بنك "اثناء التباطؤ الاقتصادي تحتاج لأي نوع من المحفزات يمكن الحصول عليه ومن شأن انخفاض سعر النفط أن يساعد في ذلك. لكن لابد من الوصول إلى سعر مثالي مستقر يحقق التوازن بين الحاجة للتنقيب وتمويل مشروعات الطاقة البديلة."
واضاف ان الاستقرار في أسعار الطاقة أمر ضروري لأي نوع من التخطيط على المدى البعيد.
ويؤكد رأي لويس تصريحات وزير النفط الهندي اب. اس. باندي الذي قال يوم الثلاثاء "بصفتنا من كبار المستهلكين فاننا نريد أن تظل الاسعار مستقرة حول هذا المستوى. والاهم هو استقرار الاسعار. فالتقلبات بالشكل الذي شهدناه هذا العام كانت بالغة السوء."
ويرى لويس أن "السعر المثالي" للنفط هو بين 60 و 80 دولارا للبرميل ويقول ان هذه هي "القيمة العادلة على المدى البعيد."
من جانبه قال سايمون وارديل مدير مجموعة أسواق الطاقة في مؤسسة جلوبال انسايت في لندن ان هناك اتفاقا عاما بين دول اوبك والدول المستهلكة على أن السعر الملائم للنفط يبلغ نحو 75 دولارا للبرميل.
واضاف "هذا السعر يجذب الاستثمار في الانتاج الجديد وهو مرتفع بما يكفي لتشجيع ترشيد استهلاك النفط كما أنه كاف للحفاظ على ميزانيات دول الشرق الاوسط."
وتقدر مؤسسة بي.اف.سي انرجي للاستشارات ومقرها واشنطن أن منتجي النفط في الشرق الاوسط يحتاجون لاسعار النفط هذا العام تتراوح بين 40 و 60 دولارا للبرميل للحفاظ على موازين المعاملات الخارجية دون عجز.
وقال وارديل "ما يشغلني هو أن السعر ينخفض أكثر من اللازم. وسعر أقرب الى ما بين 70 و 75 دولارا يمثل توازنا جيدا."
وتقول وكالة الطاقة الدولية انها تريد أسعار نفط مرتفعة بما يكفي للتشجيع على مواصلة الاستثمار في مصادر طاقة جديدة بما فيها حفر ابار في المياه العميقة وهي عملية باهظة التكلفة.
وقال ديفيد فايف رئيس قسم صناعة وأسواق النفط في الوكالة "من الصعب جدا تقدير مستوى مطلق للسعر العادل. ولكن هناك الكثير من النفط مرتفع التكلفة سواء في المياه العميقة جدا أو في الرمال النفطية في كندا أو في المناطق القطبية في شمال روسيا وكلها تحتاج لسعر مرتفع نسبيا."
ومضى قائلا "سيكون هناك خطر اذا انخفضت الاسعار أكثر فسيؤدي هذا الى تفاقم احتمالات شح الامدادات على المدى المتوسط."
من كريستوفر جونسون
© Thomson Reuters 2008 All rights reserved.

ليست هناك تعليقات:


CNNArabic.com - Business