الأربعاء، ٢٦ نوفمبر ٢٠٠٨

انهيار الأسواق في الهند يبدد أحلام الطبقة الوسطى

انهيار الأسواق في الهند يبدد أحلام الطبقة الوسطى

Wed Nov 26, 2008 9:42am GMT

نيودلهي (رويترز) - كان سونيل كاباديا يقترض بشكل منتظم من البنوك للاستثمار في أسواق الاسهم الهندية على اعتبار أن هذه وسيلة مضمونة لصعود سلم الطبقة الوسطى مع نمو اقتصاد الهند بمعدلات تقترب من خانة العشرات.
لكن حلم الثراء السريع تبدد مع تهاوي المؤشر الرئيسي للبورصة الهندية الى أدنى مستوى في ثلاث سنوات الشهر الماضي لتصل خسائره في عام 2008 الى أكثر من 50 بالمئة مما اضطر كاباديا الى نقل أسرته الى شقة صغيرة في احدى ضواحي العاصمة.
يقول كاباديا البالغ من العمر 48 عاما والذي فقد 20 مليون روبية (400 الف دولار) في تجارة الاسهم هذا العام "سعيا وراء الثراء فقدت قوت يومي."
وقد اجتذب بريق أسواق الاسهم والسلع الاولية المزدهرة الافا من صغار المستثمرين مع نمو الاقتصاد بمعدلات تبلغ تسعة بالمئة أو أكثر خلال السنوات المالية الثلاث الماضية وحديث الحكومة عن رفع معدلات النمو الى خانة العشرات.
لكن مع الانهيار الحاد للبورصات فقد هؤلاء مدخراتهم وأصبحوا عاجزين بل وزاهدين في الاستثمار مرة أخرى.
كما أضر الانهيار بالسلع الاولية حيث انخفضت أسعار السلع من زيوت الطهي الى المعادن بنسب تتراوح بين 40 و 50 بالمئة خلال أربعة الى خمسة شهور مضت.
وجاء هذا بمثابة ضربة قوية لثقة الطبقات الوسطى في الهند التي تتطلع لتحسين مستواها كما أن تقلص انفاق هذه الطبقة أثار أيضا قلق الشركات الاجنبية والمستثمرين الذين كانوا يتهافتون على العمل في الاقتصاد الهندي الذي يبلغ حجمه تريليون دولار.
وقال فيكرام بات رئيس شركة اجميرا اسوشييتس ليمتد للسمسرة في مومباي "في الوقت الحالي أصبح المستثمرون يخافون من ظلهم وسيستغرق الامر بعض الوقت قبل أن يعودوا للسوق."
وكان معظم صغار المستثمرين قد أغرتهم موجة ارتفاع بدا أنها لن تتوقف في سوق الاسهم حيث ارتفع المؤشر الرئيسي لبورصة مومباي الى ستة أمثاله خلال خمس سنوات حتى نهاية عام 2007 تدعمه الاموال الاجنبية.
وبعد أن اشتروا حجما قياسيا من الاسهم بلغت قيمته الصافية 17.4 مليار دولار في العام الماضي مع ارتفاع السوق 47 بالمئة باع كبار المستثمرين الاجانب أكثر من 13.5 مليار دولار من الاسهم في عام 2008.
وأصبح المتعاملون الباحثون عن الكسب السريع رمزا لتطور اقتصاد الهند واكتسب تداول الاسهم شعبية هائلة بين المستثمرين حتى أنه أصبح بامكان البعض كسب رزق زهيد على الارصفة من خلال بيع طلبات الاكتتاب في عمليات الطرح الاولي مقابل بضع روبيات (سنتات).
بيد أن صغار المستثمرين اختفوا الى حد كبير مع تهاوي السوق. ومن مستوى قياسي فوق 21200 نقطة في يناير كانون الثاني هوى المؤشر القياسي لبورصة مومباي بشدة الى اقل من 7700 نقطة الشهر الماضي.
ورغم أن الاحصاءات تظهر أن 2.5 بالمئة فقط من سكان الهند البالغ عددهم 1.1 مليار نسمة يستثمرون في الاسهم فان الخبراء يقولون ان عدد المستثمرين كان ينمو بشكل مطرد عندما تحولت السوق للهبوط الحاد.
وقال ابيجيت تشودري وهو مستثمر في الاسهم من مدينة كولكاتا الشرقية خسر مليوني روبية خلال شهر واحد فقط "أسعى لبيع شقتي كي أتمكن من سداد ديوني ولكن الجميع يعرفون الان أنني أمر بظروف صعبة ولذا فان العروض لست جيدة."
وأضاف تشودري الذي ظل عاطلا عن العمل لسنوات قبل أن يحقق ثراء في سوق الاسهم "لقد تحطمت تماما ولن أعود أبدا لسوق الاسهم."
ومع احجامهم عن الاستثمار في أصول محفوفة بالمخاطر يفضل المستثمرون الان أمان الودائع الثابتة. وارتفعت الفائدة على الودائع المصرفية الى أكثر من عشرة بالمئة خلال شهرين الى ثلاثة شهور مضت.
وقال فينود كومار شارما رئيس الابحاث في مؤسسة اناجرام كابيتال ليمتد "الى أن تنتعش الاسواق مرة اخرى وتصل الى مستوى يشعر معه الناس بالارتياح فان المستثمرين سيظلون بعيدا عن الاسواق وسيفضلون الدخل الثابت والودائع الثابتة."
وخفض المحللون توقعاتهم لنمو اقتصاد الهند ولكن لا يزال من المتوقع أن ينمو الاقتصاد بنحو سبعة بالمئة في السنة المالية التي تنتهي في مارس اذار المقبل.
ونتيجة لذلك أصبح كثير من المتعاملين والمستثمرين الذين حجزوا سيارات فارهة وشققا فاخرة بقروض مصرفية يكافحون الان لتدبير نفقات تعليم اطفالهم أو حتى سداد فاتورة مشتريات البقالة.
يقول دارميش ديف المتعامل في النحاس "كنت أقود سيارة تويوتا اينوفا ولكني الان أفضل أن أستقل دراجة بخارية ذات ثلاث عجلات في طريقي للعمل." وكان يشير الى عربات الركشة التي تعمل بمحرك صغير وتجوب شوارع الهند.
ويضيف ديف قائلا "كنت أريد شراء منزل ولكن كل رأسمالي في التجارة الان. وعلى أية حال فمثلما انهارت أسواق الاسهم فمن المرجح للغاية أن تحذو أسعار العقارات حذوها."
ويقول بعض الخبراء ان أسواق الاسهم قد ترتفع بعد عام أو نحو ذلك اذا استقرت الاسواق العالمية ولكن الارتفاع سيكون في حدود 20 الى 30 بالمئة فقط فوق المستوى الحالي للمؤشر البالغ نحو 9000 نقطة.
وقال تشاندرا موهان موخرجي المدير في ايس فاينانشيال سيرفسيز في كولكاتا "من غير المحتمل أن يرتفع المؤشر الى المستوى القياسي بين 20 و 21 ألف نقطة الذي بلغه في يناير نظرا لان من المتوقع أن يستمر تأثير الاضطراب المالي العالمي حتى بعد عام من عودة كبار المستثمرين الاجانب للسوق."
(الدولار يساوي 49.5 روبية)
من بابا ماجومدار وبيمان موخرجي
© Thomson Reuters 2008 All rights reserved.

ليست هناك تعليقات:


CNNArabic.com - Business